سورة يونس - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)}
هذا استفهام بمعنى الجحد، أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب، وبدل كلامه وأضاف شيئا إليه مما لم ينزله. وكذلك لا أحد أظلم منكم إذا أنكرتم القرآن وافتريتم على الله الكذب، وقلتم ليس هذا كلامه. وهذا مما أمر به الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقول لهم.
وقيل: هو من قول الله ابتداء.
وقيل: المفتري المشرك، والمكذب بالآيات أهل الكتاب. {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ}.


{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} يريد الأصنام. {وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ} وهذه غاية الجهالة منهم، حيث ينتظرون الشفاعة في المآل ممن لا يوجد منه نفع ولا ضر في الحال.
وقيل: {شُفَعاؤُنا} أي تشفع لنا عند الله في إصلاح معايشنا في الدنيا. {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} قراءة العامة {تُنَبِّئُونَ} بالتشديد. وقرأ أبو السمال العدوي {أتنبئون الله} مخففا، من أنبأ ينبئ. وقراءة العامة من نبأ ينبئ تنبئة، وهما بمعنى واحد، جمعهما قوله تعالى: {مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3] أي أتخبرون الله أن له شريكا في ملكه أو شفيعا بغير إذنه، والله لا يعلم لنفسه شريكا في السموات ولا في الأرض، لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه. نظيره قوله: {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 33] ثم نزه نفسه وقدسها عن الشرك فقال: {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي هو أعظم من أن يكون له شريك وقيل: المعنى أي يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يميز {وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ} فيكذبون، وهل يتهيأ لكم أن تنبئوه بما لا يعلم، سبحانه وتعالى عما يشركون!. وقرأ حمزة والكسائي {تشركون} بالتاء، وهو اختيار أبي عبيد. الباقون بالياء.


{وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
تقدم في البقرة معناه فلا معنى للإعادة.
وقال الزجاج: هم العرب كانوا على الشرك.
وقيل: كل مولود يولد على الفطرة، فاختلفوا عند البلوغ. {وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} إشارة إلى القضاء والقدر، أي لولا ما سبق في حكمه أنه لا يقضى بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة لقضي بينهم في الدنيا، فأدخل المؤمنين الجنة بأعمالهم والكافرين النار بكفر هم، ولكنه سبق من الله الأجل مع علمه بصنيعهم فجعل موعد هم القيامة، قاله الحسن.
وقال أبو روق: {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لأقام عليهم الساعة.
وقيل: لفرغ من هلاكهم.
وقال الكلبي: {الكلمة} أن الله أخر هذه الامة فلا يهلكهم بالعذاب في الدنيا إلى يوم القيامة، فلولا هذا التأخير لقضي بينهم بنزول العذاب أو بإقامة الساعة. والآية تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تأخير العذاب عمن كفر به.
وقيل: الكلمة السابقة أنه لا يأخذ أحدا إلا بحجة وهو إرسال الرسل، كما قال: {وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الاسراء: 15] وقيل: الكلمة قوله: «سبقت رحمتي غضبي» ولولا ذلك لما أخر العصاة إلى التوبة. وقرأ عيسى {لقضى} بالفتح.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9